لماذا ابتلانا الله سبحانه وتعالى بحب بالشهوات؟
في كتاب الفوائد لإبن القيم الجوزية
*كتبوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسألونه أيهما أفضل: رجل لم تخطر له الشهوات ولم تمر بباله, أو رجل نازعته إليها نفسه فتركها لله؟ فكتب عمر: إن الذي تشتهي نفسه المعاصي ويتركها لله عزوجل : "من الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم"
من عرف البدع والشرك والباطل طرقه فأبغضها وحذرها وحذّر منها ودفعها عن نفسه ولم يدعها
تخدش وجه إيمانه ولا تورثه شبهة ولا شكا, بل يزداد بمعرفتها بصيرة في الحق ومحبة له, وكراهة
لها ونفرة عنها.... أفضل ممن لا تخطر بباله ولا تمر بقلبه, فإنه كلما مرت بقلبه وتصورت له ازداد
محبة للحق ومعرفة بقدره وسرورا به , فيقوى إيمانه به
كما أن صاحب الشهوات والمعاصي كلما مرت به, فرغب عنها إلى ضدها, ازداد محبة لضدها ورغبة فيه وطلبا له وحرصا عليه
فما ابتلى الله سبحانه عبده المؤمن بمحبة الشهوات والمعاصي وميلِ نفسِهِ إليها: إلا ليسوقه بها إلى محبة ما هو أفضل منها وخير له وأنفع وأدوم, وليجاهد نفسه على تركها له سبحانه, فتورثه تلك المجاهدة الوصول على المحبوب الأعلى, فكلما نازعته نفسه إلى تلك الشهوات واشتدت إرادته لها وشوقه إليها , صرف ذلك الشوق والإرادة والمحبة إلى النوع العالي الدائم, فكان طلبه له أشد, وحرص عليه أتم, بخلاف النفس الباردة الخالية من ذلك, فإنها وإن كانت طالبة للأعلى, لكن بين الطلبين فرق عظيم, ألا ترى أن من يمشي إلى محبوبه على الجمر والشوك, أعظم ممن يمشي إليه راكبا على النجائب.(الإبل)
فليس من آثر محبوبه مع منازعة نفسه كمن آثره مع عدم منازعتها إلى غيره, فهو سبحانه يبتلي عبده بالشهوات, إما حجابا له عنه, أو حاجبا له يوصله إلى رضاه وقربه وكرامته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
إنه الله ... فكيف لا تحبه؟!
*من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه, وأن تسمع داعيَه ثم تتأخر عن الإجابة, وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره, وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له, وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته, وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه, ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته, وأن تذوق العذاب عن تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه, وأعجب من هذا علمُكَ أنك لا بد لك منه, وأنك أحوج شيء إليه وأنت معرضُ ُ, وفيما يُبْعِدُك عنه راغبُ ُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكتب فضيلة الشيخ الشعراوي في تفسيره للقرآن الكريم
لو أن الطاعة وجدت بدون مقاوم...لا تظهر حرارة الإيمان...ولا قوة الإقبال على التكليف..
وإنما يوجدإغراء وإلحاح في الإغراء...وأنت متمسك بالطاعة...فذلك دليل على قوة الإيمان.
.تماما كما أنك لا تعرف قوة أمانة موظف إلا إذا أغريته برشوة..فلو أنه لو لم يتعرض لهذا الإغراء
...فلن تختبر أمانته أبدا..ولكن إذا تعرض للإغراء..وتمسك بأمانته ونزاهته فهذه هي الأمانة
والله سبحانه وتعالى أعطانا الإختيار لأنه يريد من خلقه من يطيعه وهو قادر على معصيته...
ويؤمن به وهو قادر على عدم الإيمان...لأن هذه تثبت صفة المحبوبية لله. الخلق المقهور لله
يأتي له قهرا..لايقدر على المعصية..وهذا يثبت القهر والجبروت لله...ولكن الحق سبحانه وتعالى
أراد خلقا يأتيه عن حب..وقد يكون هذا الحب من أجل عطاء الله في الآخرة ونعيمه وجنته.
فلا يضن الله على عباده بها..وقد يكون عن حب لذات الله.
قالت رابعة العدوية "اللهم إن كنت تعلم أني أعبدك طمعا في جنتك فاحرمني منها,
وإن كنت تعلم أني أعبدك خوفا من نارك فأرسلني فيها, أنا أعبدك لأنك تستحق أن تعبد"
يقولون أن الجنة أحد..لأن الحق سبحانه وتعالى قال :"من كان يريد لقاء ربه" أي الأنس بلقاء
الله..فإن كنت تعمل للذات وليس للعطاءات فإنك تكون في أنس الله يوم القيامة....والذي عمل
للجنة سيأخذها والذي عمل لما فوق الجنة يأخذها
لللامانه اعجبنى الموضوع فقمت بنقله لكم اخيكم فى الله احمد جابر منتظر دعائكم بظهر الغيب
يقول يحيى بن معاذ: اللهم لا تجعلنا ممن يدعو إليك بالأبدان, ويهرب منك بالقلوب, ياأكرم
الأشياء علينا لا تجعلنا أهون الأشياء عليك
يقول يحيى بن معاذ: عمل كالسراب وقلب من التقوى, خراب....وذنوب بعدد الرمل والتراب
ثم نطمع في الكواعب والأتراب, هيهات أنت سكران بغير شراب... ما أملك لو بادرت أملك...
ما أجلك لو بادرت أجلك...ما أقواك لو خالفت هواك
فدعونا نحب الله رغم الشهوات
دعونا نحب الله ونحن نرفض الشهوات
اختيارا منا
تكريما لقدسية الله
وتعظيما لجلال الله
ورغبة بحب الله
من أجل أن يحبنا الله
فما أعظم أن يشار إليك بقولهم:
ذاك رجل يحبه الله
(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرٌ لكم)
ماذا يستفيد المسلم من هذه القاعدة؟
يقول ابن القيم:
"إذا علم العبد أن المكروه يأتي بالمحبوب انشرح صدره بالمكروه"
كالدواء المر تأخذه وأنت فرحان لأنك تعلم أن عواقبه تأتي حميدة
فإذا علم العبد أن الذي يقضي بالقضاء وقدر هذا المكروه متصف بهذه الصفات
عليم
حكيم
رحيم
أرحم بك من نفسك يعلم ما يصلحك وهو أحكم الحاكمين
لو طبقت هذه الآية وجعلتها نبراسا لك في حياتك ستتخلص من كثير من الآلام والأحزان